يقظة الضمير
للكاتب : أحمد بن صالح الطويان
يقظة الضمير، وحياة الإحساس، وفرقان القلب، وواعظ الله في القلب نعمة من نعم الله ينعم بها على من يشاء من عباده.
فالتفريق بين الحق والباطل والنافع والضار، والخير والشر صفة من صفات الأتقياء الأنقياء
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ
فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۗ
وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الأنفال: 29].
والإحساس بالخطأ وسرعة الرجوع وتأنيب الضمير ووجل القلب والخوف من الذنب من صفات المؤمنين {وَالَّذِينَ
إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ
فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ
وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 135] {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ} [الأعراف: 201].
وإن من أعظم العقوبات المعجلة في الدنيا موت الإحساس فلا يبالي بالمنكرات
ولا المعاصي فيسلب من القلب عظمتها وخطرها فلا يميز بينها وأشد من ذلك أنس
القلب بها ومحبتها فينسلخ من القلب استقباحها وأشد من ذلك الإفتخار بها
والفرح بارتكابها والسرور بحصولها.
فالإستهانة بالمحرمات من أعظم المصائب روى البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مرَّ على أنفه فقال هكذا ...».
فإذا وقع في القلب زينة المحرمات والتعلق بها كان ممن زُين له سوء عمله فرآه حسناً قال تعالى: {قُلْ
هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ
سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ
يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: 103-104]. وقال تعالى: {أَفَمَن
زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا ۖ فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ
مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۖ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ
حَسَرَاتٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [فاطر: 8].
أيها الأخوة:
حين ينظر الإنسان إلى سيرته وعمله هل هو يتورع عن المحرمات والمكاسب المحرمة؟؟.
هل يحس بالتقصير والزللل؟، هل هو يعترف بالذنب والخطأ؟، ما هي مكاسبه من
أين مأكله ومشاربه وملابسه هل هي من الغش والخداع؟!، هل هي من الربا
والمعاملات المحرمة؟!، هل هي من الرشوة وأكل أموال الناس بالباطل؟!
لقد كثرت المعاملات وانغمس الناس في أوحال المعاملات المحرمة والمشبوهة، وتاجر الكثير في الحصول على حطام الدنيا الفاني.
أتي أبو بكر الصديق بطعام فلما أكله سأل خادمه من أين لك ذلك قال من كهانة
تكهنت بها في الجاهلية فأدخل يده في فمه فأخرج الطعام كله وقال:"لو لم تخرج
آخر لقمة إلا مع نفسي لأخرجتها".
قال ابن أدهم: "أطب مطعمك، ولا عليك ألا تقوم الليل وتصوم النهار".
وقال ابن السائب قال بعض السلف: "لترك دانق مما يكره الله أحب إليَّ من خمس مائة حجة".
وأكل معمر عند أهله فاكهة ثم سأل فقيل هدية من فلانة النواحة فقام فتقيأ.
قال الفضيل: "لم يزين الناس بشيء أفضل من الصدق وطلب الحلال". فقال ابنه علي: "يا أبتاه إن الحلال عزيز فقال يا بني وإن قليله عند الله كثير".
أيها الأخوة:
إن القلوب الحية المستنيرة بنور الله هي تلك القلوب الأوابة الرجاعة إلى الحق والهدى التي تنظر إلى نجاتها وتحس بنقصها.
خرج عمر إلى حائط له ففاتته صلاة العصر فتصدق بالحائط لوجه الله.
وكان سعيد بن عبدالعزيز إذا فاتته صلاة الجماعة بكى.
وكان المزني إذا فاتتة صلاة الجماعة صلى تلك الصلاة خمسًا وعشرين مرة.
وقال محمد التميمي: "مكثت أربعين سنة لم تفتني التكبيرة الأولى إلا يوم ماتت أمي فصليت خمسًا وعشرين صلاة أريد التضعيف".
إن تلك القلوب تهتز خوفًا من المحرمات وتطير هلعًا من السيئات قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الإثم ما حك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس» وقال: «الإثم حواز القلوب» وقال: «البر ما سكنت إليه النفس» [صحيح الألباني].
فمراقبة الله في قلوبهم يستشعرون رؤيته قال عبدالله بن دينار: "خرجت مع ابن
عمر إلى مكة فعرسّنا فانحدر إلينا راع من جبل فقال له ابن عمر أراع قال
نعم قال بعني شاة من الغنم فقال إني مملوك قال قل ليسدك أكلها الذئب قال
فأين الله عز وجل قال ابن عمر فأين الله ثم بكى ثم اشتراه بعدُ فاعتقه".
قال حاتم الأصم: "تعاهد نفسك في ثلاث، إذا عملت فاذكر نظر الله إليك، وإذا تكلمت فاذكر سمع الله منك، وإذا سكت فاذكر علم الله فيك".
{وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن
قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا
إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ۚ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ
ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِن ذَٰلِكَ
وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} [يونس:61]. {أَلَمْ
تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ
مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا
خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَىٰ مِن ذَٰلِكَ وَلَا
أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ۖ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم
بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ
عَلِيمٌ} [المجادلة:7].
فمن أراد أن تمتد يده إلى الحرام فليعلم أن الله يراه ومن دعته نفسه إلى الحرام فليعلم أن الله يراه.
إذا ما خلوت الدهر يومًا *** فلا تقل خلوت ولكن علي رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ساعة *** ولا ما تخفي عليه يغيب
إذا خلوت في ظلمة في ريبة *** والنفس داعية إلى العصيان
فاستحي من نظر الإله *** وقل لها إن الذي خلق الظلام يراني
فمن يختفي عن نظر الناس فإن عين الله تراه قال أحد السلف ":لا يكن أهون الناظرين إليك الله".
قال تعالى: {وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ
يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا
أَثِيمًا * يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ
وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَىٰ مِنَ الْقَوْلِ ۚ
وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا } [النساء:107-108].
قال بلال بن سعد: "لا تنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر إلى من عصيت".
فمن كان الحرام بين يديه فليتق الله وليدعه خوفًا من الله فمن ترك شيئًا
لله عوضه الله خيرًا منه ومن ترك الحرام خوفًا من الله وتعظيمًا لله أورثه
نعيمًا في قلبه ونورًا في بصيرته.
أيها الأخوة:
في وقت كثرت فيه الفتن والمغريات وتفنن فيه أهل الشهوات ما أحوجنا إلى صلاح
ما فسد في قلوبنا وأن نحيي واعظ الله في قلوبنا وأن تكون التربية للأجيال
والأولاد في تبصيرهم بالحلال والحرام وغرس الإيمان في قلوبهم واستشعار
مراقبة الله تعالى في نفوسهم.
فإحياء الإحساس في قلوبهم وإيقاظ ضمائرهم في استشعار عظمة المحرمات وحرمة
الاستهانة بها طريق من طرق التحصين للنفوس والأجيال مع المجاهدة والمحاسبة
والعلم النافع الذي يثمر العمل الصالح والذكرى التي تنفع المؤمنين المتقين.
قال محمد بن إبراهيم بن حمش: "سمعت أبي يقول
إذا لم تطلع ربك فلا تأكل من رزقه وإذا لم تجيب نهيه فاخرج من مملكته وإذا
لم ترضى بفعله فاطلب ربًا سواه وإذا عصيته فاخرج إلى مكان لا يراك".
للكاتب : أحمد بن صالح الطويان
يقظة الضمير، وحياة الإحساس، وفرقان القلب، وواعظ الله في القلب نعمة من نعم الله ينعم بها على من يشاء من عباده.
فالتفريق بين الحق والباطل والنافع والضار، والخير والشر صفة من صفات الأتقياء الأنقياء
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ
فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۗ
وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الأنفال: 29].
والإحساس بالخطأ وسرعة الرجوع وتأنيب الضمير ووجل القلب والخوف من الذنب من صفات المؤمنين {وَالَّذِينَ
إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ
فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ
وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 135] {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ} [الأعراف: 201].
وإن من أعظم العقوبات المعجلة في الدنيا موت الإحساس فلا يبالي بالمنكرات
ولا المعاصي فيسلب من القلب عظمتها وخطرها فلا يميز بينها وأشد من ذلك أنس
القلب بها ومحبتها فينسلخ من القلب استقباحها وأشد من ذلك الإفتخار بها
والفرح بارتكابها والسرور بحصولها.
فالإستهانة بالمحرمات من أعظم المصائب روى البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مرَّ على أنفه فقال هكذا ...».
فإذا وقع في القلب زينة المحرمات والتعلق بها كان ممن زُين له سوء عمله فرآه حسناً قال تعالى: {قُلْ
هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ
سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ
يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: 103-104]. وقال تعالى: {أَفَمَن
زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا ۖ فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ
مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۖ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ
حَسَرَاتٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [فاطر: 8].
أيها الأخوة:
حين ينظر الإنسان إلى سيرته وعمله هل هو يتورع عن المحرمات والمكاسب المحرمة؟؟.
هل يحس بالتقصير والزللل؟، هل هو يعترف بالذنب والخطأ؟، ما هي مكاسبه من
أين مأكله ومشاربه وملابسه هل هي من الغش والخداع؟!، هل هي من الربا
والمعاملات المحرمة؟!، هل هي من الرشوة وأكل أموال الناس بالباطل؟!
لقد كثرت المعاملات وانغمس الناس في أوحال المعاملات المحرمة والمشبوهة، وتاجر الكثير في الحصول على حطام الدنيا الفاني.
أتي أبو بكر الصديق بطعام فلما أكله سأل خادمه من أين لك ذلك قال من كهانة
تكهنت بها في الجاهلية فأدخل يده في فمه فأخرج الطعام كله وقال:"لو لم تخرج
آخر لقمة إلا مع نفسي لأخرجتها".
قال ابن أدهم: "أطب مطعمك، ولا عليك ألا تقوم الليل وتصوم النهار".
وقال ابن السائب قال بعض السلف: "لترك دانق مما يكره الله أحب إليَّ من خمس مائة حجة".
وأكل معمر عند أهله فاكهة ثم سأل فقيل هدية من فلانة النواحة فقام فتقيأ.
قال الفضيل: "لم يزين الناس بشيء أفضل من الصدق وطلب الحلال". فقال ابنه علي: "يا أبتاه إن الحلال عزيز فقال يا بني وإن قليله عند الله كثير".
أيها الأخوة:
إن القلوب الحية المستنيرة بنور الله هي تلك القلوب الأوابة الرجاعة إلى الحق والهدى التي تنظر إلى نجاتها وتحس بنقصها.
خرج عمر إلى حائط له ففاتته صلاة العصر فتصدق بالحائط لوجه الله.
وكان سعيد بن عبدالعزيز إذا فاتته صلاة الجماعة بكى.
وكان المزني إذا فاتتة صلاة الجماعة صلى تلك الصلاة خمسًا وعشرين مرة.
وقال محمد التميمي: "مكثت أربعين سنة لم تفتني التكبيرة الأولى إلا يوم ماتت أمي فصليت خمسًا وعشرين صلاة أريد التضعيف".
إن تلك القلوب تهتز خوفًا من المحرمات وتطير هلعًا من السيئات قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الإثم ما حك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس» وقال: «الإثم حواز القلوب» وقال: «البر ما سكنت إليه النفس» [صحيح الألباني].
فمراقبة الله في قلوبهم يستشعرون رؤيته قال عبدالله بن دينار: "خرجت مع ابن
عمر إلى مكة فعرسّنا فانحدر إلينا راع من جبل فقال له ابن عمر أراع قال
نعم قال بعني شاة من الغنم فقال إني مملوك قال قل ليسدك أكلها الذئب قال
فأين الله عز وجل قال ابن عمر فأين الله ثم بكى ثم اشتراه بعدُ فاعتقه".
قال حاتم الأصم: "تعاهد نفسك في ثلاث، إذا عملت فاذكر نظر الله إليك، وإذا تكلمت فاذكر سمع الله منك، وإذا سكت فاذكر علم الله فيك".
{وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن
قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا
إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ۚ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ
ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِن ذَٰلِكَ
وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} [يونس:61]. {أَلَمْ
تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ
مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا
خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَىٰ مِن ذَٰلِكَ وَلَا
أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ۖ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم
بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ
عَلِيمٌ} [المجادلة:7].
فمن أراد أن تمتد يده إلى الحرام فليعلم أن الله يراه ومن دعته نفسه إلى الحرام فليعلم أن الله يراه.
إذا ما خلوت الدهر يومًا *** فلا تقل خلوت ولكن علي رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ساعة *** ولا ما تخفي عليه يغيب
إذا خلوت في ظلمة في ريبة *** والنفس داعية إلى العصيان
فاستحي من نظر الإله *** وقل لها إن الذي خلق الظلام يراني
فمن يختفي عن نظر الناس فإن عين الله تراه قال أحد السلف ":لا يكن أهون الناظرين إليك الله".
قال تعالى: {وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ
يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا
أَثِيمًا * يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ
وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَىٰ مِنَ الْقَوْلِ ۚ
وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا } [النساء:107-108].
قال بلال بن سعد: "لا تنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر إلى من عصيت".
فمن كان الحرام بين يديه فليتق الله وليدعه خوفًا من الله فمن ترك شيئًا
لله عوضه الله خيرًا منه ومن ترك الحرام خوفًا من الله وتعظيمًا لله أورثه
نعيمًا في قلبه ونورًا في بصيرته.
أيها الأخوة:
في وقت كثرت فيه الفتن والمغريات وتفنن فيه أهل الشهوات ما أحوجنا إلى صلاح
ما فسد في قلوبنا وأن نحيي واعظ الله في قلوبنا وأن تكون التربية للأجيال
والأولاد في تبصيرهم بالحلال والحرام وغرس الإيمان في قلوبهم واستشعار
مراقبة الله تعالى في نفوسهم.
فإحياء الإحساس في قلوبهم وإيقاظ ضمائرهم في استشعار عظمة المحرمات وحرمة
الاستهانة بها طريق من طرق التحصين للنفوس والأجيال مع المجاهدة والمحاسبة
والعلم النافع الذي يثمر العمل الصالح والذكرى التي تنفع المؤمنين المتقين.
قال محمد بن إبراهيم بن حمش: "سمعت أبي يقول
إذا لم تطلع ربك فلا تأكل من رزقه وإذا لم تجيب نهيه فاخرج من مملكته وإذا
لم ترضى بفعله فاطلب ربًا سواه وإذا عصيته فاخرج إلى مكان لا يراك".